شروط الحج
اتفق الفقهاء على انه يشترط لوجوب الحج وصحة أدائه شروط ، إذا لم تتوافر في الشخص لم يصح منه الحج ، أو لم يجب عليه أداؤه ، وهذه الشروط هي :
1) الإسلام :
فلا يصح الحج من غير المسلم ولا يقبل منه ولا يؤجر عليه والإيمان شرط في قبول الأعمال ، وإن حج الإنسان وهو كافر ، ثم أسلم لزمته حجة الإسلام لقوله عليه السلام ـ في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد : ( أيما أعرابي حج ثم هاجر ( أسلم ) فعليه حجة أخرى ) .
2) التكليف ، ويتحقق بأمرين :
أ- البلوغ : لما رواه أبو داؤود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن النائم حتى ينتبه ، وعن المجنون حتى يفيق ) ، فإن حج الصبي كان حجه ذلك نفلا له أجره ، ولزمه بع بلوغه فرض الحج ، لما رواه أحمد والطبراني من طريق ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : ( أيما صبي حج ولم يبلغ الحنث فعليه حجة أخرى ) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن امرأة رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيا ، فقالت : ألهذا حج ؟ قال : ( نعم ولك أجر ) حيث ذهب اكثر اهل العلم على أن الصبي يثاب على طاعته وتكتب له حسناته ويؤجر وليه على تعليمه لحديث الرسول عليه السلام السابق .
وروى أحمد وابن ماجه عن جابر ابن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ قال : ( حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان ، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم ) .
ب- العقل :
حيث يسقط الحج عن المجنون إلا إذا افاق وشفي من جنونه للحديث السابق الذي رواه أبو داؤود ، وحيث أن العقل هو مناط التكليف فإذا فقد العقل سقط التكليف .
3) الحرية : حيث لا يصح حج العبد إلا بإذن سيده أو بعتقه ، فالحج عبادة بدنية ومالية تطول مدتها ، فيحتمل معها تضييع حقوق السيد في الخدمة ، هذا فضلا عن أن العبد لا يملك المال ، وروى الحاكم والطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى ) ، فالحج لا يحب على الصبي والعبد لكن إذا حجا صح منهما ، ولا يجزئهما عن حجة الإسلام ( الفريضة ).
4) الاستطاعة :
لقوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن الكافرين } ، وقد اختلف الفقهاء في معنى الإستطاعة وبما تتحقق !
وعلى أية حال فإنها تتحقق بما يأتي :أ- أن يكون المكلف صحيح البدن ، فإن عجز عن الحج لشيخوخة أو مرض مزمن ، لزمه أن يؤجر غيره نيابة عنه إن كان لديه مال ، وسيأتي تفصيل ذلك ، وإن لم يكن ذا مال سقطت عنه .
ب- أن تكون الطريق آمنة ، بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله وأن لا يوجد ما يمنع الناس من الذهاب إلى الحج كالحبس والخوف من سلطان جائر يمنع الناس منه .
ت- القدرة المالية : وهي أن يمتلك الزاد الكافي ، والراحلة التي تبلغه إلى بيت الله وترجعه إلى أهله ، لقوله عليه السلام : ( الاستطاعة زاد وراحلة ) ويكون المال زائدا عن حاجاته الأصلية ، وكافيا لنفقة عياله مدة غيابه ، حتى يرجع من حجه ، ويجب ان يكون المال الذي ينفقه في شؤون حجه حلالا ، حيث لا يقبل منه حج ولا يجزئه أن حج بمال حرام ، لقوله عليه السلام : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) ، وللحديث الذي يرويه الطبراني من طريق أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال : ( إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة ، ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك ، زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور ، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناده مناد من السماء : لا لبيك ولا سعديك ، زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مأجور ) .
5) وجود المحرم أو الزوج للمرأة ، لقوله عليه الصلاة والسلام :
( لا يخلون رجل بأمرأة إلا مع ذي محرم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة واني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال انطلق وحج مع امرأتك ) رواه مسلم ، وقد أجاز فريق من العلماء للمرأة أن تحج حجة الفريضة دون النافلة مع نسوة ثقات ، إذا لم تجد الزوج أو المحرم من الرجال الذي سيذهب معها
وتستأذن المرأة زوجها في الخروج إلى الحج الفرض فإن أذن لها خرجت وإذا لم يأذن لها خرجت بغير إذنه بشرط أن تكون مع محرم ، ، لأنه ليس للرجل منع أمرأته من حج الفريضة ، لأنها عبادة وجبت عليها ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
,,,, يجوز للمسلم أن ينيب من يحج عنه إذا كان عاجزا عن الحج بنفسه لشيخوخة أو مرض أو ضعف ، مع وجود المال ، كذلك يجوز للشخص أن يؤجر من يحج عن وليه الميت إن أوصى بذلك أو أراد أن يتطوع هو بالنفقة للحج عنه بعد موته ، لما رواه أبو دأؤود من طريق ابن عباس عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة قال : ( من شبرمة ؟ ) قال : أخ لي أو قريب لي ، قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة )
ويشترط فيمن يريد الحج عن غيره أن يكون قد حج عن نفسه أولا ، وأن يكون قادرا أمينا عارفا بأحكام ومناسك الحج ، رجلا كان أو امرأة .
ولا شك أن الأجرة تجوز في ذلك على حسب ما يتفق عليه الطرفان .
أخيرا أخي القارئ هل أنت ممن تنطبق عليه هذه الشروط ؟! أن كنت كذلك فعلما التهاون والتكاسل ، فهيا قم واستعد من الان لأداء تلك الفريضة ، وفي الحلقة الرابعة سأريك كيف تستعد للحج ( الاستعداد للحج ) فإلى ذلك الحين أترككم في حفظ الله ورعايته ، وإلى اللقاء ..